عندما نقول ان الحكم المملوكي لم ينتهي في مصر بدخول العثمانيين مصر عام 1517 وإنما امتد التراث المملوكي الي عصرنا هذا وقد هيمن فكر الرقيق الأبيض علي العقل المصري في جميع مناحي الحياة وعندما نتحدث عن بداية حكم العبيد لمصر فنحن لا نتحدث عن التاريخ المعروف لبداية الدولة المملوكية عام 1250 ميلادي ولكن نعود الي قبل ذلك عندما تملك احمد بن طولون حكم مصر عام 868 ميلادي و254 هجري واستطاع ان وأسس دولتة المستقلة عن الخلافة العباسية وكان احمد بن طولون عبدا للخليفة العباسي المعتز بن المتوكل وهكذا صار احمد بن طولون احد الرقيق الأبيض حاكما مستقلا لمصر وورث أبنائه من بعده ثم بعد ذلك انتهت الدولة الطولونية وجاءت من بعدها الدولة الاخشيدية وكانت ايضا دول حكم العبيد إلي ان تأسست دولة العبيد ألكبري في مصر عام 1250 علي يد سيف الدين قطز والتي استمرت حتي الغزو العثماني 1517 ميلادي وهنا انتهت دولة المماليك العبيد (كحكام رسميين لمصر )ألا ان التراث المملوكي في الإدارة والفكر والسيطرة الفعلية علي طبيعة وطريقة الحياة في مصر حيث ظل المذهب المملوكي (العبيد هو المهيمن علي المصريين حتي بعد مجي محمد علي وتوجيهه ضربة قوية للمماليك إلا أنهم استمروا هم الفاعلين والمشكلين لطرق التفكير والإدارة والحكم في مصر بالرغم من عدم تواجد دولتهم وظلت مصر تحكم وتدار وترسم العلاقات بين أبناء شعبها وفقا للمذهب المملوكي(نظرية حكم العبيد)حتي أيامنا هذة رغم محاولة توجيه ضربة لهذة النظرية ابان حكم الرئيس جمال عبد الناصر بعض الشئ إلا إن نظرية حكم المماليك عادت بقوة في عصري الرئيسين السادات ومبارك ونستطيع ان نلحظ بمجرد النظر من حولنا في هذا العصر الذي نعيشه أخلاق وممارسات هي التي تهيمن علي واقعنا السياسي والاجتماعي والإداري والاقتصادي والسلوكي وكل شى من حولنا تفوح منه رائحة أخلاق العبيد علي النحو الذي سوف نبينه لاحقا
ان حكم العبيد لمصر بدا فعليا كما قلنا منذ حوالي ألف ومائتي عام ولكن وبالرغم من فقدان العبيد العرش منذ حوالي مائتي عام فقط أي من تاريخ حكم محمد علي (علي اعتبار ان العثمانيين كانوا يستعينوا بالمماليك في حكم مصر باعتبارهم الأكثر خبرة ومعرفة بالواقع المصري) إلا إن هذا العبد (الرقيق الأبيض) استطاع ان يكون هو الحاكم الفعلي رغم فقدانه عرش مصر من الناحية الرسمية فقد ظل هو _بالضرورة_العمدة وشيخ البلد ومدير المديرية ومحافظ المحافظة ورجل الشرطة والموظف العام والوزير....الخ وكان هو الأقدر دائما للترقي والوصول للمناصب العليا بما له من قدرات مملوكية فائقة وبذلك يكون هو الحاكم الفعلي حقا وصدقا ولتجدي معه أي محاولات تغيير او إصلاح فلو صدرت فرمانات سلطان او قرارات حاكم فتنه ينفذها بالطريقة التي تروق له وبما لديه من حيل مملوكية ويمكن بكل سهولة تفريغ هذه القرارات من مضمونها وقد توارث أبناء الشعب المصري (المماليك منهم)هذه الخبرة وهذا التراث المملوكي جيل بعد جيل وظل أحفاد العبد الأبيض هم وحدهم القادرين علي تولي المناصب النافذة التي تنطوي علي سيادة ونفوذ وتحكم ونحن هنا ليست لدينا نظرة عنصرية تجاه العبيد المماليك حيث إننا نعترف ان لديهم قدرات وخبرات فائقة في الحكم والإدارة ولكن المؤسف ان معظم هذه القدرات والخبرات هي سبب تخلفنا الذي نحن عليه وهذا ينضح من خلال استعراض الطريقة الي استخدمت في تربية المماليك والتي أثرت في تكوين العقل المملوكي الذي نعاني منه حتي ألان
فحكام المماليك (العبيد) كانوا يستعينون بعبيد أمثالهم لمعاونتهم في الحكم ....يتم اولا شراء العبيد الذين يكون منهم جهاز امن الحاكم(العبد أصلا) حيث انه لايمكنه الثقة إلا في عبد مثله وكذلك تكوين جهاز إداري يسير امور البلاد وتكون من هولاء أيضا الجيش وجباة الضرائب .وكان الحاكم المملوك امامه طريقتين لإيجاد هولاء الرجال (العبيد)فاما ان يشتريهم صغارا ويربيهم بمعرفته وينشئوا علي طاعته ويكونون طوع امره وفي هذه الحالة يسمي المملوك(ترابي) والطريقة الثانية هي شراء هولاء الرجال وهم كبار اذا ما كان ليس لديه وقت للتربية وهذا المملوك يسمي (مجلوب) وهذا يكون اقل ولاء وطاعة وفي جميع الأحوال ليس للعبد المملوك طريق او وسيلة للحفاظ علي وظيفتة او منصبه سوي التقرب والتملق لسيده الذي أوجده في هذا المكان .........ومع ذلك فان الحاكم (المملوك أصلا) لايامن مطلقا لمماليكه فانه دائما يقوم بالوقيعة بين مجموعات المماليك التابعة له خاصة اذا كانوا (مجاليب) وليسوا (ترابيين) وهذا السلك (الوقيعة) يصبح مسلك عام ينتقل من اعلي السلطة الي ادني مستوي لها ويستخدمه كل رئيس مع مرؤوسيه ونتج عن تبلور مفاهيم موجودة معنا حتي ألان مثل (المهموز) و(الدبوس) و(الزنب) وقد استخدم احد رؤساء مصر هذا الفظ عندما تحدث عن زملائه فقال انهم بيزنبوكوني _
واصبح هذا المسلك هو السائد عند الموظف العام (الممثل الرسمي للمماليك )وأصبحت الترقية والمكافآت ليست دليلا علي كفاءة ولكن تعبيرا عن القدرة في التدبيس والزنبقة .وتكون المهمة الاولي للمملوك الذي يرقي ويصبح مديرا هي الانتقام من زملائه (المماليك) والتنكيل بهم علي ان يكون هو ا(الأوحد) الذي لا معقب عليه.الي جانب ان هذا المملوك المدير يحرص علي أحاطته بمجموعة من المماليك (بنوعه)_ومن هنا تظهر أهمية كلمة بتاع فلان في التراث الشعبي المصري_يكونوا هم حاشيته وبطانته المقربين يضمن ولاءهم ولابد للمدير الجديد ان يكون له (بتوع) غير (بتوع) المدير السابق. ومن هنا ينضح سبب عدم سيادة قوة القانون في المجتمع المصري لان المجموعات المملوكية(بتوع) كل مدير لأتدين بالولاء للقانون والتنظيمات إنما ولاءها الوحيد لرئيسها في العمل (ولي نعمتها) الي كان سبب في تواجدها في هذه المناصب وكذلك هو الذي يغرقها بالعطايا والهبات لضمان الولاء فيجب إن تكون في هذه الحال مهمة هذه المجموعات المملوكية إرضاء رئيسها حتي ولو كان ذلك بالمخالفة للقانون وطبعا هم لديهم من الخبرات والقدرات المملوكية في الوصول لذلك.وقد بلور المثل الشعبي ذلك المسلك في أحسن تعبير (يخاف ما يختشيش) أي إن المملوك يخاف دائما ممن في يده القوة والبطش المدير او الرئيس)ولا يخشى مخالفة القانون .فالموظف لا يؤدي عمله المنوط به إلا خوفا من معاقبة رئيسه فان امن بطشه او اعتقد ان الرئيس لن يحاسبه لا يقوم بإنجاز العمل المكلف به وعلي العكس فان المملوك مستعد ومؤهل دائما لتنفيذ أوامر رئيسه حتي ولو كانت مخالفة للقانون فأساس العلاقات المملوكية الخوف _فإما الخوف من رئيسهم او الخوف من المماليك زملائهم_وعليه فان المماليك القدامى تكون قلقة ومرتابة في أي مملوك جديد ينضم أليهم يشاركهم العطايا والمكاسب ولعله يكون خطر عليهم خاصة لو كان لديه بعض الذكاء المملوكي فالمماليك القدامى ينظرون للملوك الجديد كما تنظر الزوجة القديمة للزوجة الجديدة خشية ان تشاركها في حب زوجها وهذ ما يفسر الكراهية بين المصريين بعضهم البعض في بلاد الغربة حيث انك تجدهم يحاربون بعض كالأعداء لأنهم ببساطة تخرجوا من مدرسة المماليك.لكن هذا لا ينفي قيام العلاقات بين المماليك علي اساس النفاق الاجتماعي حيث إن المماليك يعيشون مع بعضهم بحكم الضرورة فهم مضطرين لهذا النفاق ولكن عندما يتمكن فانه يلدغ كالثعبان. ويحكم العالم المملوكي مبدا (الجدعنة)فجدع هي كلمة مملوكية تعني الحصول علي شى ليس من حقك بالحيلة والدهاء والنفاق والتملق فالذي يحصل علي ترقية بهذا الاسلاوب يكون (جدع)!!
وهكذا فان كثير من المصطلحات المستخدمة في عالمنا الحاضر اصلها مملوكي وتعبر عن التراث المملوكي الذي يضرب بجذوره بعمق فى تركيبتنا المصرية وسوف أتناول تفصيل ذلك في القريب ان شاء الله......فقط أريد أوضح إن مصر منذ زمن بعيد تحكم بنظرية العبيد.........وفضوها سيرة.
ان حكم العبيد لمصر بدا فعليا كما قلنا منذ حوالي ألف ومائتي عام ولكن وبالرغم من فقدان العبيد العرش منذ حوالي مائتي عام فقط أي من تاريخ حكم محمد علي (علي اعتبار ان العثمانيين كانوا يستعينوا بالمماليك في حكم مصر باعتبارهم الأكثر خبرة ومعرفة بالواقع المصري) إلا إن هذا العبد (الرقيق الأبيض) استطاع ان يكون هو الحاكم الفعلي رغم فقدانه عرش مصر من الناحية الرسمية فقد ظل هو _بالضرورة_العمدة وشيخ البلد ومدير المديرية ومحافظ المحافظة ورجل الشرطة والموظف العام والوزير....الخ وكان هو الأقدر دائما للترقي والوصول للمناصب العليا بما له من قدرات مملوكية فائقة وبذلك يكون هو الحاكم الفعلي حقا وصدقا ولتجدي معه أي محاولات تغيير او إصلاح فلو صدرت فرمانات سلطان او قرارات حاكم فتنه ينفذها بالطريقة التي تروق له وبما لديه من حيل مملوكية ويمكن بكل سهولة تفريغ هذه القرارات من مضمونها وقد توارث أبناء الشعب المصري (المماليك منهم)هذه الخبرة وهذا التراث المملوكي جيل بعد جيل وظل أحفاد العبد الأبيض هم وحدهم القادرين علي تولي المناصب النافذة التي تنطوي علي سيادة ونفوذ وتحكم ونحن هنا ليست لدينا نظرة عنصرية تجاه العبيد المماليك حيث إننا نعترف ان لديهم قدرات وخبرات فائقة في الحكم والإدارة ولكن المؤسف ان معظم هذه القدرات والخبرات هي سبب تخلفنا الذي نحن عليه وهذا ينضح من خلال استعراض الطريقة الي استخدمت في تربية المماليك والتي أثرت في تكوين العقل المملوكي الذي نعاني منه حتي ألان
فحكام المماليك (العبيد) كانوا يستعينون بعبيد أمثالهم لمعاونتهم في الحكم ....يتم اولا شراء العبيد الذين يكون منهم جهاز امن الحاكم(العبد أصلا) حيث انه لايمكنه الثقة إلا في عبد مثله وكذلك تكوين جهاز إداري يسير امور البلاد وتكون من هولاء أيضا الجيش وجباة الضرائب .وكان الحاكم المملوك امامه طريقتين لإيجاد هولاء الرجال (العبيد)فاما ان يشتريهم صغارا ويربيهم بمعرفته وينشئوا علي طاعته ويكونون طوع امره وفي هذه الحالة يسمي المملوك(ترابي) والطريقة الثانية هي شراء هولاء الرجال وهم كبار اذا ما كان ليس لديه وقت للتربية وهذا المملوك يسمي (مجلوب) وهذا يكون اقل ولاء وطاعة وفي جميع الأحوال ليس للعبد المملوك طريق او وسيلة للحفاظ علي وظيفتة او منصبه سوي التقرب والتملق لسيده الذي أوجده في هذا المكان .........ومع ذلك فان الحاكم (المملوك أصلا) لايامن مطلقا لمماليكه فانه دائما يقوم بالوقيعة بين مجموعات المماليك التابعة له خاصة اذا كانوا (مجاليب) وليسوا (ترابيين) وهذا السلك (الوقيعة) يصبح مسلك عام ينتقل من اعلي السلطة الي ادني مستوي لها ويستخدمه كل رئيس مع مرؤوسيه ونتج عن تبلور مفاهيم موجودة معنا حتي ألان مثل (المهموز) و(الدبوس) و(الزنب) وقد استخدم احد رؤساء مصر هذا الفظ عندما تحدث عن زملائه فقال انهم بيزنبوكوني _
واصبح هذا المسلك هو السائد عند الموظف العام (الممثل الرسمي للمماليك )وأصبحت الترقية والمكافآت ليست دليلا علي كفاءة ولكن تعبيرا عن القدرة في التدبيس والزنبقة .وتكون المهمة الاولي للمملوك الذي يرقي ويصبح مديرا هي الانتقام من زملائه (المماليك) والتنكيل بهم علي ان يكون هو ا(الأوحد) الذي لا معقب عليه.الي جانب ان هذا المملوك المدير يحرص علي أحاطته بمجموعة من المماليك (بنوعه)_ومن هنا تظهر أهمية كلمة بتاع فلان في التراث الشعبي المصري_يكونوا هم حاشيته وبطانته المقربين يضمن ولاءهم ولابد للمدير الجديد ان يكون له (بتوع) غير (بتوع) المدير السابق. ومن هنا ينضح سبب عدم سيادة قوة القانون في المجتمع المصري لان المجموعات المملوكية(بتوع) كل مدير لأتدين بالولاء للقانون والتنظيمات إنما ولاءها الوحيد لرئيسها في العمل (ولي نعمتها) الي كان سبب في تواجدها في هذه المناصب وكذلك هو الذي يغرقها بالعطايا والهبات لضمان الولاء فيجب إن تكون في هذه الحال مهمة هذه المجموعات المملوكية إرضاء رئيسها حتي ولو كان ذلك بالمخالفة للقانون وطبعا هم لديهم من الخبرات والقدرات المملوكية في الوصول لذلك.وقد بلور المثل الشعبي ذلك المسلك في أحسن تعبير (يخاف ما يختشيش) أي إن المملوك يخاف دائما ممن في يده القوة والبطش المدير او الرئيس)ولا يخشى مخالفة القانون .فالموظف لا يؤدي عمله المنوط به إلا خوفا من معاقبة رئيسه فان امن بطشه او اعتقد ان الرئيس لن يحاسبه لا يقوم بإنجاز العمل المكلف به وعلي العكس فان المملوك مستعد ومؤهل دائما لتنفيذ أوامر رئيسه حتي ولو كانت مخالفة للقانون فأساس العلاقات المملوكية الخوف _فإما الخوف من رئيسهم او الخوف من المماليك زملائهم_وعليه فان المماليك القدامى تكون قلقة ومرتابة في أي مملوك جديد ينضم أليهم يشاركهم العطايا والمكاسب ولعله يكون خطر عليهم خاصة لو كان لديه بعض الذكاء المملوكي فالمماليك القدامى ينظرون للملوك الجديد كما تنظر الزوجة القديمة للزوجة الجديدة خشية ان تشاركها في حب زوجها وهذ ما يفسر الكراهية بين المصريين بعضهم البعض في بلاد الغربة حيث انك تجدهم يحاربون بعض كالأعداء لأنهم ببساطة تخرجوا من مدرسة المماليك.لكن هذا لا ينفي قيام العلاقات بين المماليك علي اساس النفاق الاجتماعي حيث إن المماليك يعيشون مع بعضهم بحكم الضرورة فهم مضطرين لهذا النفاق ولكن عندما يتمكن فانه يلدغ كالثعبان. ويحكم العالم المملوكي مبدا (الجدعنة)فجدع هي كلمة مملوكية تعني الحصول علي شى ليس من حقك بالحيلة والدهاء والنفاق والتملق فالذي يحصل علي ترقية بهذا الاسلاوب يكون (جدع)!!
وهكذا فان كثير من المصطلحات المستخدمة في عالمنا الحاضر اصلها مملوكي وتعبر عن التراث المملوكي الذي يضرب بجذوره بعمق فى تركيبتنا المصرية وسوف أتناول تفصيل ذلك في القريب ان شاء الله......فقط أريد أوضح إن مصر منذ زمن بعيد تحكم بنظرية العبيد.........وفضوها سيرة.