الثلاثاء، 7 ديسمبر 2010

رذيلة الاستهلاك وامة تنقرض

اذا اردنا ان نطلق اسما علي هذا العصر الذي نعيش فيه فاننا لن نجد اسما اكثر انطباقا وتلائما من اسم ا(العصر الاستهلاكي) فان الصفة المناسبة لهذا الزمن السيي اهله هي الاستهلاك  ثم الاستهلاك واذا فرغ الانسان من استهلاكه فانه يبحث عن استهلاك جديد!!!! وهكذا صار الانسان وفقا لمتطلبات العولمة البغيضة (حيوان مستهلك) ان الاستهلاك هو النتيجة الطبيعية لسيادة المذهب النفعي وسيطرة اللذة اننا ان نظرنا حولنا فبقليل جهد نكتشف اننا نعيش في عالم اللذات والشهوات فالانسان لم تعد تمر عليه لحظة الا وهو راغب في استهلاك شي  وان كنا نعترف ان علم الاقتصاد يقوم بالاساس علي تحقيق الرغبات في ظل الموارد المتاجة ومحاولة تنمية هذة الموارد بشكل مستمر لان هذة الرغبات متجددة بشكل مستمر  الاان هذا العصر الذي نعيشه تجاوز كل هذة النظريات واصبح الانسان عبدا لرغباته وليس لديه اي قدرة للسيطرة عليها وقد يكون هذا مقبولا في المجتمعات الغربية المنتجة والفاعلة بالقدر الاكبر من الناتج العالمي فمن انتج من حقه ان يستهلك(رغم ان لنا تحفظ علي ذلك ) اما المجتمعات التي نعيش فيها والتي لاتشارك باي قدر يذكر في اجمالي الناتج العالمي فان الاستهلاك الحادث فيها الان يهدد بانقراض هذة المجتمعات وزوالها من الوجود فالانسان الذي يعيش فقط لتحقيق رغباتة (لذاته وشهواته)هو محكوم عليه حتما بالاندثار والانقراض ودعوني انقل لكم جزا من بحث قيم للدكتور سعد محمد رحيم:
ها هنا يتم خلق مجتمع هش، فاقد القدرة على النقد والتمييز، مطواع، ومن الممكن أن ينقاد بسهولة لأية مزاعم.. تختلط عنده الحقائق بالأكاذيب والأوهام. أما أولئك الذين لم يعودوا يطيقون هذه الرذائل والخدع، ويعيشون حالات من العزلة والاغتراب فإنهم يُقصون، ولا يتاح لصوتهم النقدي التأثير في الوسط الاجتماعي. وقد يتشبث بعضهم، بعد طول يأس، بالخرافات والخزعبلات أيضاً، يتوسلون المعونة من وراء عالمهم الواقعي، أي أنهم يلجأون إلى الأساطير ـ الضد، واقعين في الفخ ذاته. فاليوم يبتكر النظام الاستهلاكي رموزه وطقوسه وآلهته كذلك، أي أسطورته، وتسوّق هذه الأسطورة إعلامياً وثقافياً، ومن خلالها يجري تقنين الحاجات والرغبات والأذواق والقناعات. وما يحصل هو بهرجة وتنوع ووفرة، مع إفراغ كل شيء من المعنى، وربما لهذا قال جان بودريار عن أميركا بأنها صحراء من اللامعنى.
* * *
يتقن المجتمع الراهن صناعة الزائف، لا في شكل أقنعة فحسب، وإنما على هيئة أغراض حيّة. ولقد بات إنسان عصرنا متوائماً ومتواطئاً مع مناخ الزيف هذا، إلى الحد الذي لا يعد وعيه واكتشافه للمزيف عنصر إرباك يجعله يراجع نفسه أو يتراجع. وإذا كان الإعلام بأجهزته وآلياته ومؤسساته وإستراتيجياته يسوّق الزائف فإنه لم يكن وحيداً في الميدان.. إن مؤسسات شتى، سياسية وثقافية تعاضدت معه لتكريس العالم الزائف الذي نعيش فيه.
إن إنسان العصر صار يتبع تقاليد وأعراف وتعاليم ديانة زائفة هي ديانة الاستهلاك البورجوازي.. إن كل شيء مهيأ للاستهلاك بثمن، فحتى ما هو روحي يتحول إلى سلعة.. لقد سقطت مقولة السلوك الاقتصادي الرشيد، والبحث عن أقصى درجات المنفعة إزاء توجه هذا الإنسان المظهري حيث الادعاء والتفنج.. إنه يريد أن يكون شيئاً ما، هاماً، من خلال استهلاكه، أمام الآخرين.. إن كثيراً من الرياء والنفاق يطبع سلوكه كما سلوك الآخرين من أقرانه، في ضمن مجتمع لم يعد يأبه كثيراً بالتمييز بين ما هو حقيقي وما هو زائف. وعند هذه الفجوة تتجلى فداحة الأزمة الأخلاقية للمجتمع.
إن إستراتيجيات نظام الاستهلاك تخلق في النهاية الإنسان الممتثل، المدمج في واحدية الاتجاه البراغماتي، حيث الجميع ديدنهم مصالحهم الأنانية الضيقة.. إن تلكم الإستراتيجيات كفيلة بضخ الحيوية في جسد الرأسمالية وترويض أزماتها. والاستهلاك مع تحوله من ظاهرة اقتصادية إلى أسطورة يضمن للمجتمع الرأسمالي تجديد نفسه، واستمراره.
* * *
والآن، صارت الموضة علامة مجتمع الاستهلاك، فلا شيء يلبث على حاله ـ على الأقل في الظاهر ـ فالموضة اختلاف على صعيد الشكل، غالباً.. اختلاف مؤقت، مهدد بموضة أخرى "اختلاف آخر مرتقب" وهي جذابة إلى حين.. المختلف المؤقت والجذاب شكلاً، بديل عن حضور المعنى، فالجاذبية، ها هنا، تفتقر إلى أي مضمون ذي دلالة عميقة. وفي مجتمع خاضع لآلية إنتاج الموضات ستكون الضحية الأولى هي الحرية، فأنت حر في أن تتبع الموضة، وإلاّ ستنبذ وتهمش، وهذه الآلية تشتغل على صعيد الثقافة والإعلام كما تشتغل على صعيد سوق السلع والأزياء، فقد غدا اختراع واختلاق الموضات الثقافية بديلاً عن إحداث تحولات جوهرية في عالم الثقافة.
إن الموضة تقطع مع ما مضى.. إنك معها ممنوع من التذكر، ناهيك عن الاستعادة.. إن المطلوب أن تكون معاصراً، وفي هذه الحالة حتى المستقبل لا يهم إلا بمقدار ما تتقرب موضة أخرى لتقطع مع الحاضر.. إن صناعة الموضة خديعة رأسمالية للحيلولة دون صناعة الثورة.
وشيوع موضة ما تحقيق للقطيعية، فمن خلالها يجري إدماج البشر في إطار ظواهر شكلية أو سلوكيات، أو ممارسات محددة، حيث تغدو للموضة مضمونها السياسي.. إن حدثاً أولياً ـ قصة شعر مطرب، مثلاً ـ تتناسل كاريكاتورياً بعد أن تستنسخ بمئات آلاف النسخ على مئات آلاف الرؤوس لتعرض في كل مكان ـ أحياناً في القارات كلها ـ والمستنسخون كاريكاتورياً هم مقلدون، أي أنهم لا يستطيعون أن يكونوا أنفسهم.. إنهم يهربون من أنفسهم من خلال الموضة إلى ما هو زائف، مضحين بتفردهم وحريتهم الذي يبدو أنهم يخشونها، أو يخشون عبئهما.. إن هؤلاء هم، في حقيقة الأمر، قطعان مهيأة للانقياد بحسب مشيئة السلطات القائمة.. إنهم مشاريع فعل لكل ما تقتضيها الإستراتيجيات العاملة في مؤسسات الهيمنة والسيطرة والتحكم.. إن المجتمع الذي يدّعي أنه ديمقراطي يسعى من خلال آليات صيرورته إلى تجريد الإنسان من هاتين الخصيصتين اللتين هما دعامتا أية ديمقراطية، أي الإحساس بالتفرد والحرية. فمن يختار الحرية والتفرد يصور كحالة شاذة ومنبوذة، لأنه وقف وربما من دون أن يدري ضد إيديولوجيا المجتمع الاستهلاكي، وموجهاته الخفيــة، ( فالرفض الفكري والانفعالي للامتثالية يبدو وكأنه علامة عصاب وعجز )(4) كما يقول ماركوز.
وساعدت صناعة الصور على ترسيخ ظاهرة الموضات، في الحقول كافة، ولا سيما في المجتمعات ذات البعد الواحد ـ وأي مجتمع ليس كذلك في وضعنا التاريخي الحالي؟! ـ إن الاختلافات السطحية المصنوعة في سوق الموضات تشوش رؤيتنا لمسألة افتقاد مثل هذا المجتمع إلى التنوع الحقيقي.
تفتح صناعة الصور الأبواب واسعة أمام تنويع المعلومات وتدفقها واتاحتها لشرائح عريضة من الناس، في مختلف أنحاء العالم، بيد أن هذه الصناعة باتت تخضع لمنطق رأسمالي/ براغماتي هدفه مخاطبة عقول سلبية تتلقى هذه الصور، بشكل جاهز، وتتقلبها، كما هي، لتبني على أساسها أحكامها وتقويمها للأشياء والأحداث من دون رؤية نقدية. ويتنبه مفكر من طراز الفرنسي "ريجيس دوبريه" إلى هذه المعضلة فيؤلف كتاباً بعنوان ( الميديولوجيا ) والتي يقصد بها ( العلم الذي يدرس الوسائط المادية التي يتجسد عبرها الكلام ) ويطلق على المجتمع البشري "دائرة التواصل الإعلامي" ويرى في طوفان الصور الذي يحاصر الفرد المعاصر مفارقة أنها بدلاً من أن تشحذ الرؤية فإنها تسبب العماء.

وإذا كانت ثقافة الاستهلاك من خلال صناعة الصور تنمط العقل وتحدده وتسطحه فإنها بالمقابل تخاطب الغرائز جاعلة من الجسد الإنساني الفتي ثيمتها الرئيسة.. إن المرأة تختزل إلى جسد مشتهى، ويجري التركيز على المظهر الخارجي، على المفاتن الظاهرة والمستترة إلى حد انتهاك ما هو خاص وحميمي. وبذا فإن هذه الثقافة، إن كان لنا أن نسميها هكذا، تطيح بكرامة الشخصية الإنسانية بعدِّها حقيقة مركبة، واعية ومنتجة، وليست جسداً محض يُستثمر تجارياً لتحقيق الربح.
ان المتامل في الحادث في بلادنا الاسلامية والعربية يكاد يفقد عقله فبالرغم من سوء الاحوال الاقتصادية وانتشار الفقر والعوذ  فاننا نشاهد في بلد مثل مصرالاف الاف السيارات الفارهة والاف الاف من البيوت الوثيرةالاتية من كتاب الف ليلة وليلة ان سكان مصر هذا البلد المسكين باهله ينفقون علي (اللب والسوداني) مليار جنيه سنويا ويرسلون رسائل نصية بحوالي ملياري جنيه سنويا وتقدر النفقات في شهر رمضان بحوالي عشرين مليار جنيه في كل عام  ما كل هذا الجنون !!!ما كل هذة الاعلانات التي تحتل عقل الانسان في كل لحظة ما كل هذة الاموال التي تنفق في التافه من الامور...لاعبي الكرة ......الممثلين ...برامج المسابقات .....ادوات التجميل.....وغيره الكثير  لماذا يغير الانسان هاتفه المحمول كل بضعة اسابيع ؟ لماذا يصر هذا المجتمع الفقير ان ينفق كل هذا الكم من الاموال علي سفاسف الامور.......لماذا هناك افراح في مصر تتكلف ميزانية تكفي اطعام قرية لمدة عام؟ ان هذا يحدث في بلد لاينتج شي لايقدم اي انجاز للعالم سوي الاستهلاك ..ثم الاستهلاك ان هذا يحدث في بلد مسلم ....يدعي الاسلام ...فالاسلام جاء ليحارب الاستهلاك فقد قامت فلسفة التشريع الاسلامي علي اسس ومبادي تدعو في الكثير منها الي مقاومة ...بل لا نبالغ ان قلنا محاربة....التبذير والاسراف وكذا اللذت والشهوات وكذلك حارب الاسلام اشد ما حارب  المظهرية(الرياء والنفاق)وقام الاسلام في اساسه التشريعي علي ذم الهوي ودعانا منهج الاسلام دائما وفي كل لقطة الي التعقل والتدبر وذلك لتحقيق مقاصد الشريعة العليا وهي توحيد الله وتزكية النفس وعمران الارض وعلي ذلك
تعالوا لنري كيف تعامل الاسلام مع الاستهلاك وبعدها نحكم ان كنا مسلمين حقا ام مستهلكين....؟ 
قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ _الاعراف32
وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (الفرقان 67
وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا (الاسراء 29 )
يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ( الاعراف 31 )وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (الاسراء 26)
إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا _الاسراء 27)
وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (الاسراء16)
فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ (هود116)
فمن خلال تاملنا وتدببرنا في هذة الايات الكريمات يتبين لنا الاتي:_
1- إن الإسلام حصر الطلبَ الاستهلاكي في سلة الطيبات، فإن الله عز وجل قد سخر لنا الكون وما فيه، وحرم علينا أشياء معينة، فصَّلها في شرعه العظيم، قال تعالى: ” وقد فصَّلَ لكم ما حَرَّم عليكم ” (سورة الأنعام/ آية119)، ولذا يَحْرُم علينا أن نستهلك ما حرمه الله ورسوله، وما حرم استهلاكُه حرم إنتاجُه، كالخمر وأدوات الميسر ونوادي الفواحش.
بخلاف المجتمعات غير الإسلامية والتي تستهلك وتنتج ما يحل وما يحرم؛ وذلك لعدم احتكامها إلى الشرع الحنيف الذي أنزله خالق الأرض والسماوات.
2- إن الاستهلاك يكون لإشباع منفعة معينة، وإننا نرى المجتمعات غير الإسلامية تستهلك ما يشبع منافعها سواء كانت هذه المنفعة حقيقية أو وهمية، حيث قد يقدم الإنسان على شرب الخمر لأنه يرى فيها خلاصَه من الهموم التي تثقله، ولكنها منفعة وهمية، ولذا نرى الإسلام لا يقر هذه المنفعة الوهمية ويقر المنفعة الحقيقية، فنراه حرم الانتحار، في حين ترتفع نسب الانتحار في البلاد غير الإسلامية لأنهم يأخذون بهذه المنفعة الوهمية المزعومة.
3. مبدأ وظيفية الاستهلاك: ويعني ذلك أن الاستهلاك له وظيفة طبيعية أقرها الإسلام واحترمها بل وجعلها أساساً من أسس الاستهلاك في المجتمع المسلم، وتتجلى هذه الوظيفية في حفظ الإسلام للضروريات الخمس، حتى أباح للإنسان أن يأكل الميتة حفاظاً على روحه من الهلاك، كما أمره بحفظ طاقاته الجسدية من خلال حفظ النفس، وطاقاته الروحية من خلال حفظ الدين، وطاقاتِه العقلية من خلال حفظ العقل، وهكذا في بقية الأمور.
وهذا كله تأكيد لمبدأ وظيفية الاستهلاك في المجتمع المسلم.
4. مبدأ وحدة دالة الاستهلاك، ويسميه بعض الباحثين: مبدأ وحدة دالة الرفاهية الاجتماعية، حيث ينظر الإسلام إلى المجتمع المسلم على أنه طبقة واحدة، وليس طبقيات متعددة، وله دالة استهلاك اجتماعية موحدة ومنع التمايز وتكريس الموارد بما يخالف ذلك وبما يخالف ضروريات المجتمع، وهذا واضح ومنظور من خلال مختلف التشريعات الإسلامية، ومنها على سبيل الإجمال:
1) قوله تعالى: ” … كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم ” (سورة الحشر/آية7).
2) أحاديث الستور، منها: حديث عبد الله ابن عمر -رضي الله عنهما -قال أتى النبي بيتَ فاطمةَ، فلم يدخل عليها، وجاء عليٌّ فذكرتْ له ذلك، فذكره للنبي ، قال: “إني رأيت على بابها سترا موشيا” وقال: “ما لي وللدنيا”، فأتاها عليٌّ فذكر ذلك لها، فقالت: ليأمُرْني فيه بما شاء، قال: “ترسل به إلى فلان أهل بيتٍ بهم حاجة ” (رواه البخاري).
وحديث عائشة -رضي الله عنها -: رأيت النبي خرج في غزاته فأخذت نمطا فسترتُه على الباب، فلما قدم فرأى النمط عرفتُ الكراهيةَ في وجهه، فجذبه حتى هتكه أو قطعه، وقال: “إن الله لم يأمرنا أن نكسوَ الحجارة والطين”، قالت: فقطعنا منه وسادتين وحشوتُهما ليفاً فَلَمْ يَعِبْ ذلك عَلَيّ (رواه مسلم).
5. إن دالة الاستهلاك في النظام الإسلامي تؤمن الكفاية لأفراد المجتمع، وقد مر معنا أن هناك استهلاكا ذاتيا مستقلا عن الدخل، يستهلك الإنسان حتى لو لم يكن له دخل يكفيه، ولكن الإسلام بتشريعاته يكفل هذا الحد لكل إنسان وهو ما يسمى حدَّ الكفاية،حيث إن كفاية الناس تجب بعملهم واكتسابهم أو وفق النظام المحكَم نظامِ النفقات، فإنْ لم يَفِ العمل ولا النفقات فإن بيت مال الزكاة يجب أن يعطيهم ما يكفيهم ويوصلهم إلى أدنى مراتب الغنى، وإن عجزت ميزانية بيت الزكاة عن ذلك فتُلقى مسؤوليةُ كفايتهم على بيت المال العام بيت مال المسلمين، ويكون ذلك بناءً على أساس حقوقي معتبر في الشريعة الإسلامية وهو الحاجة.
6. إدخال البُعد الأُخرَوي والإيثاري في المنفعة، حيث إن الاقتصاد الوضعي لا يتعامل إلا مع المحسوسات المادية، بينما يُضيف الإسلام البُعْدَ الأخروي إلى المنفعة والاستهلاك، فترى الأجر العظيم للصدقة والإحسان والقرض الحسن والنفقة على الأقارب والهدايا والصلة وغيرها من ألوان البر والإيثار، بل تجد الإنسان يوازن بينها وبين الاستهلاك المادي المحسوس أحيانا كما فعل عثمان -رضي الله عنه -مع التجار حين أربحوه بتجارته خمسة أضعاف، ولكنه قال: ولكن اللهَ أعطاني فيها عشرة أضعاف، وتصدق بها.
7. عدم تشويه الطلب الاستهلاكي، حيث إن المنتج في النظام الرأسمالي يعمد إلى زيادة الطلب على سلعته عن طريق الدعايات، وهي إحدى آفات الإعلام المعاصر، حيث استخدمت المرأة سابقاً، والأطفال لاحقاً، بل صارت تُدرَس دراسةً نفسية للتأثير على المستهلك، حتى يجنح للاستهلاك الترفي فوق الدخل المُتاح ، حتى ابتعد الاستهلاك عن الدخل ولم يعد دالَّةً له، بل انفجر انفجاراً ذريًّا فصار أكبر من الدخل، وأعانت على ذلك وسائل الإعلام من جهةٍ والمصارفُ من جهةٍ أخرى بتقديم قروض وتسهيلات بلا ضمانات؛ لدعم تشويه الاستهلاك.
ومن خلال هذه الضوابط والملاحظات وغيرها نرى الاهتمام الرباني الإسلامي بحفظ الفرد والإنسان على وجه الأرض فتوجيهه الوجهة الصحيحة، فإن النفس تركن إلى المهالك إذا تركناها على هواها، ولذا قال الشاعر:
النفسُ كالطفلِ إن تتْرُكْه شَبَّ على—– حُبِّ الرضاعِ وإن تفطمْه ينفطمِ.... واضع في الرابط التالي مقال غايه في الاهمية للدكتور عبد الوهاب المسيري .رحمة الله عليه.بعنوان(الحداثه العربية بين الصلابة والسيولة) ارجو قراءته لاتمام الفائدة من الموضوع
C:\Documents and Settings\ausama\Desktop\الاستهلاك\الحداثة الغربية بين الصلابة والسيولة __ عبد الوهاب المسيري - نورماندي.mht
وكذلك اضع لمن يريد التبحر في هذا الامر رابط الكتاب القيم للفيلسوف العظيم توفيق الطويل.رحمة الله عليه.(مذهب المنفعة العامة في فلسفة الاخلاق)
http://www.al-mostafa.info/data/arabic/depot3/gap.php?file=019424.pdf

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق